الحياة الجامعية (3) : استذكر بمهارة.. وطوع التقنية لصالحك!



بسم الله الرحمن الرحيم
تحدثت في موضوعين سابقين عن شيء مما يخص الطالب الجامعي، كان الموضوع الأول متسماً بالتوسع والعموم، أما الثاني فتخصص في التنظيم للطالب الجامعي.
في هذا الموضوع سأحاول لملمة أوراقي، وختام كل ما لدي، وأرجو أن أوفق في طرح مفيد.



 الاستذكار وأحواله 

طبيعة الحياة الجامعية أنها فترة للدراسة النظامية لتخصص معين، ولكن المواد التي تأخذها ليست كلها من صلب التخصص، وكذلك فإن مواد التخصص لن تكون جميعها في نفس المسار، ولن تكون كلها مترابطة وبشكل واحد، بل ستكون على شكل كتل ومجموعات، كل مجموعة منها تسير في حقل معين. 
( مثلاً بحكم تخصصي: فإن هناك مواداً تدرس التصميم وتهتم بالقوى والإجهادات وهي تقريباً ست مواد من ضمن الخطة الدراسية، ونحو خمس مواد متعلقة بالحرارة والكتلة والطاقة وانتقالاتها، وسبع مواد رياضيات، وأربع مواد ثقافة إسلامية.. وغير ذلك ).
لذلك ليس صحيحاً أن تكون طريقتك في مذاكر جميع المواد طريقة واحدة، بل عليك أن تكون فطِنا يقِظاً تتعامل مع كل مادة بما يناسبها، وعليك أن تتعلم العديد من تقنيات الدراسة وأساليبها وتعتاد كل أسلوب وفقاً لما يناسب المادة. 
إن الطريقة الصحيحة لحفظ المعلومات أو فهمها أياً كانت، لا بد أن تكون طريقة تجمع بين أكثر من حاسة، وأن تكون طريقة تعمل على تشغيل جانبي العقل في آن واحد ( جانب التفكير المنطقي/التسلسل  وجانب التفكير الإبداعي/ التصور والتخيل / الصور)، وبهذا تحقق أعلى قدر من الاحتفاظ بالمعلومة.


 ومعنى ذلك: في المواد التي تحتاج الحفظ: أن تستخدم الصوت بأن تقرأ المقرر بصوت عالٍ مع نظرك للكتاب، وبهذا تعمل حاسة البصر، وحاسة السمع؛ وفيما لو رسمت خريطة ذهنية أو خريطة مفاهيم تُقسم بها الموضوع، وتكون تلك الخريطة بالألوان، أو كتبت المعلومات كاملة أو لخصتها بخط يدك، فستحقق فائدة أكبر كذلك.. وهكذا. 


[ ما هي الخريطة الذهنية ؟! ] 

– ابحث عنها.. ستستفيد منها كثيراً.. ضع رابطاً لها في التعليقات لتفيد الآخرين، وإذا كان مميزاً سأدرجه ضمن الموضوع ليصبح مكانه هنا.. 
لا تغش من الصورة ^_^

ملاحظة مهمة: تبرز أهمية المذاكرة أولاً بأول، في أن ذهنك يحتفظ بالمعلومة من شرح الأستاذ الجامعي لفترة قصيرة، ولكن عند إعادة استذكارها بشكل سريع فإنك ستثبتها لفترة أطول، أما لو تركتها لما قبل الاختبار، فإنك قد تكون نسيتها تماماً أو نسيت معظمها، وستحتاج لفترة أطول حتى تفهمها، لذلك: استفد من شرح أستاذك، ثم ذاكر الموضوع في نفس اليوم أو في الأيام القليلة التالية. 

مواد الحفظ ومواد الفهم 

كثير من طرق الدراسة التي تُذكر في الكتب ونحوها، وخاصة النصائح التي تنتشر أيام الاختبارات تنصحك ببعض النصائح من قبيل ما ذكرت سابقا: اكتب – ارسم خرائط – اقرأ بصوت مرتفع.. وما إلى ذلك.
لكن تأكد أن هذه الأمور صالحة للمواد النظرية والتي تركز على الحفظ فقط، أما المواد التي تحتاج الفهم وحل المسائل فإن أمرها مختلف وقليل من يرشد إلى الطريقة الصحيحة في دراستها. 
مواد المسائل والتي تكون فيها أفكار متجددة مبنية على قوانين معروفة: تحتاج منك فهم القانون، وحفظه؛ وتطبيقه.
أما فهم القانون فقد لا يكون ضرورياً في كل الأحوال في بعض المراحل، لأن فهمه قد يحتاج إلى تتبع (برهان) طويل يكون صعباً على المبتدئين في الفن. 
وأما حفظ القانون، فاستخدم معه طرائق الحفظ بأي طريقة كانت.
وأما التطبيق فيحتاج منك الممارسة والحل، وهذا هو صلب القضية في هذه المواد؛ ما لم تحل المسائل في الرياضيات والفيزياء ونحوها من المواد كمواد الهندسة وغيرها، فإنك ستبقى عاجزاً عن فهم كل الصعوبات التي تظهر في حل هذه المسائل، ولا أعتقد أنك ستحصل على الدرجات كاملة.
 أتذكر في الفصل الأول في دراستي للهندسة كنت أذاكر القوانين فقط، مع قراءة التطبيقات دون حلها، وفي الاختبار دخلت على شيء كأني لأول مرة أراه، وحصلت على نحو نصف درجة الاختبار.. أين الـ 50% الأخرى؟!.. ضاعت لعدم التطبيق!.
في الواقع فإن الممارسة جزء مهم لكل ما من شأنه أن يكون تطبيقياً عملياً، مثل: الرسم والتصميم، دراسة اللغات، استخدام الحاسوب والبرمجة، وغير ذلك، ومن الخطأ أن تقتصر على الجانب النظري فيها من قبِيل الحفظ والفهم المحدود لقاعدة أو تطبيق واحد ونحو ذلك، بل إن فهم القاعدة أساس لكن هناك أمور تكاد أن لا تأتي مع الممارسة، ذلك أن هذه القاعدة ما هي إلا أساس لآلاف التطبيقات، وما يدريك أي من تلك التطبيقات سيواجهك في الحياة، وما يدريك أيٌّ منها سيحتويه الاختبار!. 
إذن.. حتى تدرس: 
-          افهم الدرس المطلوب. 
-          احفظ ما يتطلب الحفظ مثل القوانين والعلاقات والقواعد والتصنيفات.. علماً أن فهم القوانين هو الأصل، وربما من خلال التطبيق صار حفظه عن طريق فهمه. 
-          استخدم عقلك بجانبيه، بمعنى أن تستخدم جانب الرسم، والألوان، أو التخيل والتصور. 
-          يتبع للنقطة السابقة استخدام الكتابة والتلخيص، واستخدام الخرائط الذهنية وخرائط المفاهيم.
-          كرر، وحاول أن تمر على الدرس أكثر من مرة..ويمكن أن تحدد النقاط المهمة في المرة الأولى لتركز عليها فقط في المرة الثانية. 
-          طبق ومارس لما يتطلب ذلك.. والتطبيق قد يتطلب حل مسألة على كل فكرة من أفكار تطبيق القانون، ومن يدرس الرياضيات يفهم جيداً كيف تتنوع الأفكار على القانون الواحد بشكل يجعلك تشعر أنها ليست مترابطة!. 

أدوات المساعدة في الاستذكار 
لكل شيء (أساسي) قوىً مساعدة تعين عليه، الدراسة أساس –وهي في الواقع مقصودة لغيرها - ، والمساعدات التي تعين على تحقيقها كثيرة ومن أهمها:
-          الأدوات المكتبية المناسبة: 
* استخدم الأقلام الملونة المتنوعة في كتابتك وتلخيصك، ويمكن تخصيص لون لكل تصنيف حسب أسلوبك: مثلاً الأحمر للأفكار الرئيسية، والأزرق للقوانين، والأسود للتعريفات.. ونحو ذلك.
* استخدم أقلام التحديد الملونة، سواءً في التحديد للأفكار المهمة، أو في تلوين الخريطة الذهنية. 
* نظم مكان الدراسة، اجعله نظيفاً وتهويته مناسبة، وإضاءته مناسبة كذلك، وابتعد عن المشغِلات، مثل التلفاز والجوال.
* تجربتي مع الأوراق البيضاء تجربة سيئة، لذلك أحبذ إذا استخدمت الأوراق البيضاء A4 أن تنظمها وتدبسها، لأنها تتبعثر وتختلط مع غيرها وتجعل شكل المكتب سيئاً.. أو استخدم الدفاتر / أوراق الملاحظات الطويلة المجمعة في كتابتك أثناء المذاكرة.. إذا كانت لديك فكرة أخرى للتغلب على تبعثر الأوراق أخبرني .. سأكون شاكرأً ممتنا، وسيستفيد الآخرون!.

 استخدام التقنية في الدراسة
أضحت التقنية جزءاً مهماً من حياتنا، وعلينا أن نجعلها جزءاً مفيداً لتيسير أعمالنا وحياتنا..
أمثلة لأهم استخدامات التقنية في التعلم: 
-          تحميل الكتب الدراسية الكاملة ( المراجع ) إذا كانت متوفرة.
اكتب اسم الكتاب أو جزءاً منه مع اسم أحد المؤلفين في محركات البحث وستجد ضالتك في أحيانٍ كثيرة. 
-          الاستفادة من الزملاء السابقين والحاليين من خلال المنتديات الجامعية، والمواقع المتخصصة في مجالك. 
-          الاستفادة من الأكاديميات الإليكترونية، والمواقع التعليمية المتخصصة، والتي تقوم بشرح موضوعات معينة، سواءً من خلال نظام الفصول الإليكترونية، أو من خلال الشرح عبر اليوتيوب، أو غير ذلك. 
وهناك مواقع تقدم خدماتها بشكل مجاني، ومن أبرز المواقع العربية – التي أعرفها - : موقع (رواق) ولا زال جديداً لكنه قدم بعض المواد الجيدة والتي استفدت منها شخصياً.
ومن الأكاديميات الإنجليزية المجانية: أكاديمية خان Khan Academy ، وجميع مقاطعها موجودة على اليوتيوب، وقد استفدت منها في شروح بعض موضوعات الرياضيات، ومع الأيام وجدت العديد من المواقع والقنوات، فقط ابحث وستجد ضالتك بإذن الله. 
-          تحميل الحلول المثالية لأسئلة الكتاب solution manual ، وهي متوفرة للكثير من الكتب الدراسية، مع ملاحظة أنه لا يستحسن أن تستخدمها لنقل الإجابات مجردة في الواجبات، بل استخدمها للتأكد من صحة حلولك. 
-          البحث عن المعلومات بشكل عام، وخاصة من البحوث العلمية من خلال المجلات العلمية المتخصصة. 
ملاحظة: في الجامعة التي أدرس فيها قامت الجامعة بشراء ملايين المراجع العلمية وأتاحتها لكل منسوبي الجامعة مجاناً عبر الإنترنت، وهي خدمة جليلة وفرت على منسوبي الجامعة الوصول لأحدث لمراجع العلمية بشكل يسير ومجاني، قد تكون جامعتك قامت بالشيء ذاته؛ لذلك تحقق من ذلك.
 اعرف حقوقك وواجباتك 
في جلسة جمعتني بصديق متخرج من الجامعة تحدثت عن (الفصل الزائر) ، فلم يكن لصديقي معرفة به رغم أنه الآن متخرج من الجامعة منذ عدة سنوات، وهذا الموضوع هو أحد حقوقه كطالب وكان يمكن أن يساعده. 
إن معرفتك بحقوقك وواجباتك يريحك كثيراً ويرفع عنك الحرج، وقد تتفادى به مشكلات متعددة في حياتك الجامعية، لذلك احرص على معرفة الأنظمة والقوانين الجامعية بشكل عام من خلال الكتيبات التي توفرها الجامعة أو من خلال الدخول على موقع الجامعة ومعرفة القوانين والأنظمة التي تهمك.
مع ملاحظة أن كل كلية قد يكون لها بعض الأنظمة الداخلية، كما أن كل مادة يكون فيها بعض الملاحظات والتقسيمات بأسلوب معين للدرجات مثلاً أو طريقة تسليم الواجبات ونحو ذلك، حاول أن تعرف التفاصيل حتى لا تقع في مأزق.
ويتبع هذا أيضاً استفادتك من خدمات الجامعة، منها ما ذكرته سابقاً: البحوث العلمية المتاحة لك مجاناً – إذا كانت متوفرة- ، وكذلك هناك بعض الأمور الأخرى مثل علاج الأسنان أو صرف نظارات للمستحقين، أو نحو ذلك فهي خدمات موجودة في الجامعة التي أدرس فيها، وقد يوجد مثلها أو غيرها في جامعتك، وكذلك الاستفادة من المكتبة الجامعية، وخدمات التصوير والنسخ واستعارة الكتب وغير ذلك.
 أيضاً أنصحك بالمشاركة في الأنشطة الجامعية، والدورات والمؤتمرات والمنافسات، فإنها ستفيدك كثيراً في مجالات عديدة، كما يمكنك الاستفادة من برنامج التشغيل الذاتي داخل الجامعة إذا أتيحت لك الفرصة.

ختاماً أرجو أن أكون موفقاً فيما كتبته وقدمته، بالتأكيد ما ذكرته ليس كل شيء، لكنه كل شيء رأيته مهماً وخطر على بالي أثناء الكتابة، أرجوك: صوب لي، وبين لي الخطأ والصواب، وادعُ لي إن وجدت ما ينال استحسانك.
سأكون سعيداً بملاحظاتك، وشاكراً لك، سأكون سعيداً أكثر إذا زودتني بالمعلومات المفيدة، والروابط وأسماء الكتب ونحو ذلك في التعليقات. 

تعليقات

تدوينات مميزة

كانت جميلة!

...تجري من تحته السُّبُل!