مقطوعة.. من طين!
(1) قريةٌ من قرى الفضاء الفسيح، حملَتْها على أرضِها، وأظلَّتْها بسمائها. الأرض باتَت تَعرفها، وتعرف عزف قدمَيها، وهي تسير في جنباتها. جدرانها باتت آلفةً صوت نغمها الذي تُهمهِم به وهي تسير في الطرقات، حين يخلو الطريق من المارة سواها، تؤانس نفسها، وتأنس الجدران معها وبها! باتت تشعر أنها خلقت من طينة هذه الأرض، وأن بينهما إلفًا تجاوز الشعور بالارتياح، وتعدى محبَّتها لأهل تلك الدار إلى محبة للدار ذاتها، أحست بأن هذه الأرض أحد أرحامها وأقاربها، الذين خُلقَ آدم من طينها، وعادت اليوم هي إلى ذات المكان: روحًا تتنفس، هكذا خيِّل إليها من فرط ما سكنت تلك الدار جوانب قلبها. لا ينقص تلك الأرض سوى روح تدبُّ فيها، لتتحدَّث إليها، وتخبرها بسرٍّ من أسرار قرابتهما، السر الذي جعل بينهما هذا الود الشديد! (2) أبٌ يحرث الأرض جيئة وذهابًا، يسعى في رزقه، ورزق بنيه، لطيفٌ معهم في حزم. محبوبٌ على أية حال؛ فهو أبٌ، وقائم بأهمِّ أدواره كما ينبغي. ليس هذا مربطَ الفرس، ولكن: ما الذي جاء بي إلى هذه الدار سواه؟! أبي.. ولكن لا أحد من أقاربنا في هذه القري