البديهيات: نقطة تحول بين السبب والنتيجة!



(الإنسان كائن متكيف ) .. هذه الجملة هي عنوان موضوع في كتاب لكاتب كبير، تبدو تلك الجملة من البساطة بمكان، ويمكن أن يقولها كثير من العامة والبسطاء في مجالس القهوة والشاي.. أليس كذلك ؟! 

الجملة المذكورة جاءت في كتاب (هي.. هكذا) للدكتور عبد الكريم بكار والذي أتبع عنوان الكتاب بقوله (كيف نفهم الأشياء من حولنا) ؟!
حين تقرأ الموضوع الذي جاء تحت هذا العنوان تجده تحدث في تسع صفحات عن (مفاهيم تتعلق بهذه السنة ) و (كيفية التعامل مع هذا السنة ) !. 
إذن فالمسألة لا تتعلق بجملة بسيطة يقولها الجميع، ولكن لها ما لها، وذلك من خلال الانطلاق منها كحقيقة وبديهية، للعمل ووضع أساسات لأعمال أكبر ربما تغير في حياة إنسان، وربما في حياة أمة بأكملها، وربما أثرت على البشرية جمعاء!.
ولست بصدد الحديث عن هذا الكتاب بعينه، ولكن المقصد أن هناك سننًا ربانية كونية لهذا الكون يسير الكون عليها، كما أن هناك (بديهيات) كثيرة من حولنا يمكن أن تقود إلى التغيرات الهائلة! ، ولكن من يلتفت إلى تلك البديهيات.. إنهم أناس موفقون.. أو أذكياء!. 
القرآن الكريم أشار إلى ثبات السنن، وإلى التأمل والتفكر في أحوال الأمم ممن قبلنا، ليؤكد على حقيقة أن من فعل مثل فعلهم سيلاقي مثل جزاءهم، وأن السنن ثابتة: لا تبديل لها  - إلا ما كان إعجازاً إلهياً ممن سن هذه السنن ابتداءً سبحانه وتعالى -.
إن السنن تعتبر منطقة في المنتصف، ولتكن هي نقطة الحياد والصفر، التي نرجع منها خطوات للوراء لنتساءل: لماذا، أو: كيف؟! ، ثم ننطلق منها متقدمين للأمام بشكل (موجب) لنغير شيئاً ما في ضوء الإجابة على هذا السؤال إذا أمكن، وإذا لم يمكن أن نجيب على أسئلة ما قبل السنة، فسنبقى قادرين على الإجابة على الأسئلة التي تليها: كيف نوظفها.. كيف نتعامل معها!. 
البدهيات مصدر للإبداع والعلم، فكل الناس كانوا يلحظون السقوط من الأعلى للأسفل، لكن من فكر بأسئلة: لماذا، وكيف ؟! ، ومن تساءل عن ماهية هذا السقوط، استطاع أن يوجد فارقاً كبيراً، وكبيراً جداً في العلم الحديث، ويخدم البشرية.. فقد تحول ذلك السقوط إلى أرقامٍ تحسب، ومن ثم أدواتٌ تصنّع، وأشياءٌ أخرى كثيرة!.
لا أريد أن أخوض في القوانين الفيزيائية الكثيرة التي تعتبر من أبسط الأمور (لفظًا) لكنها قادت للكثير من الفتوح العلمية في مجالاتها، ولكم في قوانين نيوتن خير مثال!. 
تنبهوا للكثير من البديهيات، سواءً كنتم في مجالات العلم لتبحثوا، أم كنتم في أي مجال في الحياة، لا بد أن هناك شيئاً معتاداً متكرراً، له سبب ونتيجة، تستطيعون من خلال معرفتها أن تغيروا أشياء كثيرة، ليس أقل من أن تعرفوا مكمن مشكلة معينة لتعالجوها!
............................................................

إضافة إلحاقية 1 :
تكرمت الأستاذة سمر العتيبي -عبر مجموعة للمدربين- بسؤالي حول البديهيات في الحياة الاجتماعية ، ومثال عليها إن أمكن، فرددت عليها بالآتي:

حقيقة ما كتبته هو مجرد إشارات طرأت على الذهن دون إطالة نظر فيما كتبت، سوى أني لحظت أن له مستنداً من الواقع، ومن أبرز أمثلته كتاب (هي هكذا) بجزأيه الأول والثاني للدكتور عبد الكريم بكار..
في المثال الذي ذكرته في مطلع المقال من كتاب الدكتور بكار، جاء من ضمن (كيفيات التعامل مع هذه السنة) : ليس هنك شر محض ولا خير محض..
بمعنى أننا بإمكاننا أن نتكيف مع الوقائع، وقد فصل فيها الدكتور في عدة أسطر .. هذا كمثال. أيضاً يمكن القول أن ما يكتشفه العلماء حول النفس البشرية هو في الواقع من البدهيات التي تدور حولنا كل يوم؛ الوصول إلى تصنيف البشر كشخصيات وانتماؤهم إلى (أنماط معينة) هو شيء مما يفسر تصرفاتهم، ويجعلنا نتوقع تصرفاتهم اللاحقة.. وهكذ.
أقصد أن الوصول إلى تصنيف الأنماط هو نقطة تحول وإبداع في التعامل مع هذا الأمر وهو بدهية التعامل البشري بانفعالاته وتفاعلاته المختلفة.
آمل أن تكون الإضافة مثرية، مع كامل التقدير للأستاذة لقراءتها وتفاعلها، ولكم أنتم كذلك.

تعليقات

تدوينات مميزة

الحياة الجامعية (3) : استذكر بمهارة.. وطوع التقنية لصالحك!

كانت جميلة!

الحياة الجامعية.. همسات على الطريق