حكايات الكون
(1) تتجه الشمس بصفرتها إلى حيث الغرب، لونها يبدأ بالشحوب، تمامًا كذلك المغادر وهو يلوّح بيديه، يتماسك ويغالب دمعته، ويتلوَّن وجهه بغير ما ينبغي أن يكون عليه، تأفل الشمس، وتترك وراءها لحظات للتأمل للمحبين: الشفق بحُمرته يعانق زرقة السماء، ويزخرف أطرافها، وتبدأ الزرقةُ في الاتجاه إلى اللون الداكن شيئًا فشيئًا حتى يغشى الظلام. ومع هروب الشمس أو غروبها تساير ذلك المشهد العصافير، فتراها تجتمع في أسراب وجماعات، وتصدر صافرات الختام المشجية، وكأنها تودِّع يوم العمل الحافل باحتفالات الإنجاز والسعي في الرزق، ويشعر بوداعِها أولئك الذين كانوا حاضرين حين أطلقت تغاريد افتتاح اليوم، المستبشرة بقدوم اليوم الجديد، واقتراب وصول الشمس إلى حيث نقطةُ الشروق. لا شك أن الأشجارَ والأعشاش هي أعظمُ الفرِحين بذلك الغروب؛ حيث تأوي إليها تلك المخلوقات الصغيرة بعد ارتحال دام نصف اليوم، هي فرصتها الآن لتعتنقها، وتستَرِق السمع إلى بعض أسرارها وحكاياتها الخافتة قبل الخلود إلى السكون وهي فرحة؛ لأنها ترى تلك المخلوقات المسبحة الساعية في الرزق، فهي تؤويها لترتاح، حتى تعدها ليوم عمل وتعب جديد! ( 2) الش