الحياة الجامعية.. همسات على الطريق





الحياة الجامعية.. 
من الصعب أن يقال بأنها سهلة جداً، ومن الصعب كذلك أن يقال بأنها صعبة إلى حد كبير.. ذلك أن الحياة الجامعية تخضع للعديد من العوامل المؤثرة على نجاح الشخص فيها، وعلى إخفاقه – إلى حد ما - ، وهي ككثير من المعايير التي نتخذها في الحياة: لا تعد مقياساً للذكاء والنجاح والتميز الحياتي على الإطلاق..
*إنها مرحلة من مراحل الحياة تصحب ما يمر به الشخص من ظروف: 
 نفسية واجتماعية، وتخضع لطبيعة الشخص ومستوى ذكائه، وتخضع لميوله ورغبته: 

هل هي في حدود وفي إطار هذا التخصص الذي دخله أم أنها بعيدة عنه، وتخضع كذلك لمدى قوة النظام في الجامعة وطبيعته، إضافة إلى الأساتذة وقوتهم العلمية وأسلوب تعاملهم وشرحهم وتقييمهم للطالب..
كل تلك العوامل وربما غيرها، تكون عوامل مؤثرة في الحياة الجامعية..

ولكي يحصل الطالب على القدر المطلوب والمرضي، وعلى النتائج العالية – قدر الإمكان - ، فإن عليه أن يطمح إلى أعلى درجة ممكنة من النجاح، لكن في بعض الظروف قد لا تكون تلك الدرجة المطلوبة هي 100% ، بل إن نسبة 80 % قد تكون في بعض الأحيان هي النسبة المثالية التي يتطلع إليها الجميع، ويعد نادراً الوصول إليها! ولست هنا أدعو إلى التماس أعذار الإخفاق، ولا أدعو إلى التكاسل ودنو الهمم، لكن الواقعية تفترض أخذ الكثير من العوامل بالاعتبار حتى نصل إلى نتيجة مرضية مقنعة. 
 
:: إن المادة – على سبيل المثال – من العوامل المؤثرة بشكل كبير في الحياة الجامعية، فإن شراء النسخة الأصلية لكتاب واحد في بعض التخصصات يعادل ثلث المكافأة الشهرية أو ربعها – كمثال لطلاب الهندسة والطب في السعودية - ، فضلاً عن ظروف السكن والمواصلات للطالب المغترب، إضافة إلى تكاليف أخرى تخضع للمتطلبات حسب المواد والوضع الدراسي للطالب، فهل يمكن القول بأن عامل المادة هذا غير مؤثر؟! ..

في محيطي الصغير، أحد أصدقائي الأعزاء درس معي في المرحلة الثانوية، تفاجأت بأنه ترك دراسة الهندسة وتحول إلى دراسة تعتبر بمثابة التدريب في شركة ( أرامكو ) ، وسبب المفاجأة والاستغراب أنني وجدت عنده ذكاءً ملموساً مكنه من تحصيل درجات عالية في الدراسة وفي اختبار القدرات – بعد توفيق الله ولا شك - ، لكن عائق المادة كان حائلاً دون استمراره في الهندسة، حيث تلتهم المواصلات نصف مكافأته الجامعية أو أكثر، فضلاً عن تكاليف الحياة الأخرى التي يشق على أهله تزويده بها!
( أيضاً لا يمكنني القول أن اختيار الالتحاق ببرامج أرامكو للفنيين ونحوهم - وما يماثلها من شركات أخرى -  هو خيار خاطئ دائماً، لكنه يكون خاطئاً أحياناً، تماماً كما قد يكون دخول بعض الطلاب للطب خطأ فادحاً في بعض الأحيان!)




 

وحتى يصل الطالب إلى درجة عالية من التميز والنجاح، عليه أن يتكيف مع الدراسة الجامعية من خلال جعل الجامعة حياة له، واهتماماً رئيسياً،
 ويكون هذا بأن يكون التخصص الذي دخله محبوباً ومرغوباً له ابتداءً، ثم يجعل وظيفته الرئيسية هي الدراسة، مع ضرورة ممارسة أنشطة أخرى لكنها لا تطغى ولا تؤثر على دراسته ومستوى تحصيله، 
فإن فترة الجامعة تعد من الفترات الذهبية التي يكون للإنسان فيها مستوى عالٍ من النشاط مصحوب بتوسع في الإدراك والنظر، حيث تتفتح عيناه في دراسته الجامعية على أشياء لم تكن تفتحت عليها من قبل، إضافة إلى أن الترويح وممارسة الأنشطة المتعددة له أثره على نجاح الإنسان المستقبلي وعلى نفسيته أثناء الدراسة كذلك.
 
·        يمكن القول أن مكمن النجاح في الدراسة الجامعية هو معرفة: ما هي متطلبات الوصول إلى التميز في هذه المادة؟! .. فإن الطالب قد يملك الرغبة في التميز، وبذل الجهد، لكنه يسير في الاتجاه الخاطئ! ..
وفي الغالب تتضح متطلبات التميز من خلال نصائح أستاذ الجامعة والتي ستكون في إطار وحدود: ( ذاكر أولاً بأول – حل الواجبات – لا تتغيب وكن حاضراً ذهنياً ) ..
 تلك هي النصائح المتكررة وهي مهمة، ومهمة للغاية، أما بقية المتطلبات، فسيكون عليك أن تستكشفها بنفسك، ومن خلال سؤال زملائك الذين سبقوك، صحيح أنهم لن يعطوك تصوراً صحيحاً لأن كل شخص يقيس من زاويته، لكن مجمل كلامهم إذا تشابه فإنه يكون صحيحاً إلى حد كبير! ..

 المتطلبات التي تحتاج أن تستكشفها في الغالب هي: طريقة تقييم أستاذ المادة، وما هي النقاط التي يهتم بها؟! .. وما هي طريقة ونوعية الأسئلة التي يضعها.
أما نصائحي الشخصية ومن واقع التجربة:
 

- لا تتغيب قدر الإمكان..
 فهناك معلومة لن تجدها في الكتاب، وهناك معلومة ستلتقطها أذنك أو عينك تفيدك في الامتحان.
 

- لا تعتمد على ذاكرتك.. اكتب مع أستاذ المادة، 
وإذا كانت طبيعة المادة عبارة عن مرور على المعلومات في الكتاب، فأحضر كتابك ودون عليه الفوائد التي يقولها الأستاذ أو حددها بقلم التحديد ، وحدد النقاط التي يركز عليها والتي يقول أنها ستكون موضع اختبار.
في حال كانت المحاضرات على شكل شرائح ( Power Point  ) قم بطباعتها مسبقاً – قدر الإمكان – لتدون عليها الفوائد والملاحظات، ولا تعتمد على وجودها على الموقع وأنك ستحملها لاحقاً.. كن حريصاً ما استطعت.
 

- لا توجد معلومة مهمة، ومعلومة غير مهمة..
 لأن هذا التصنيف سيجعلك تخسر نقاطاً كان من السهل أن تحصل عليها (وبالنسبة لي فإنني أُفضِّل في أسوأ الأحوال أن تحرص على النقاط التي من السهل أن تجنيها لأنها إلى حد ما مضمونة ) ، المهم: حاول دراسة كل شيء..
نعم؛ توجد معلومة تحتاج تركيزاً وتكراراً، ومعلومة أخرى تحتاج مروراً مع الفهم كفيل بثباتها وسهولة استرجاعها من الذاكرة عند الحاجة إليها في الاختبار.
 

- سجل ودون الفوائد التي تشد انتباهك،
 حتى تلك التي تكون خارج المقرر.. ستكون مفيدة في مقرر آخر أو في حياتك العامة.

·        قد تكون الواجبات والتكليفات التي يكلفك بها أستاذ المادة صعبة عليك كطالب.. إذا ساعدك أحد في العثور على الإجابة، فلا تأخذها مجردة من لمستك الخاصة التي تنم عن فهم.. حاول أن لا تكون كآلة نسخ.. بل افهم ما تكتب، وكن مستعداً لأن تجيب عن السؤال الذي يُطرح عليك فيه!.

·        حاول قدر الإمكان أن تذاكر أولاً بأول.. 
قد يكون هذا شاقاً، لذلك عليك أن تستفيد من عطلة نهاية الأسبوع في إنهاء المهام التي لم تكتمل في الأسبوع الماضي..  
إجازة نهاية الأسبوع تعد بمثابة الأيام الذهبية لأن ضغط الدوام لا يكون حاضراً فيها، فتكون هناك فرصة لإنجاز العديد من المهام الاجتماعية والترويحية إضافة إلى المهام الدراسية التي تعوض نقصاً حصل في الخمسة أيام السابقة لها، فاحرص على الاستفادة منها.

·        حاول أن تتشارك المعرفة مع زملائك،
  فالذين سبقوك لديهم معرفة بأسلوب التعامل مع المواد، سيفيدونك فيها كثيراً، والذين هم في نفس دفعتك، لديهم معلومة غابت عنك، ولديك معلومة غابت عنهم.. اصنعوا جواً علمياً صحياً يتم فيه تبادل المعلومات والمعرفة.. ستحققون نتائج أفضل بالتعاون بإذن الله..
وأتذكر كم كانت كافتيريا الكلية مفيدة لي في تحصيل درجات: تارة بشرح أحد الزملاء لي، وتارة بشرحي لزميل آخر لأحد الأسئلة، فأتى هذا السؤال في الاختبار فلم أجد أي مشقة في حله لأنه كان حاضراً قبل برهة من الزمن في شرحي له – ولله الحمد - .
 

- ينبغي أن نفهم أن الهدف ليس هو تحصيل الدرجات فحسب، 
بل إن المعرفة هي الأساس، وإن كان كثير من الأساتذة ، إضافة إلى طبيعة تعاملنا في الحياة الدراسية خلقت لدينا رغبة في تحصيل الدرجات كيفما اتفق، وإن كنا نعلم أننا لا نستحقها! ؛ لذلك علينا أن نحاول تحصيل المعرفة والمعلومة، وتحقيق الفهم قدر الإمكان للمقرر الذي تتم دراسته، وتبعاً لذلك يتم تحصيل الدرجات العالية، ومهما كان أسلوب الأستاذ سيئاً في المادة وفي التقييم، فإن الطالب الذي حقق قدراً عالياً من الاستيعاب لن يحصل درجة أقل ممن هو دونه فهماً ، إلا إذا انعدم الضمير، ولم يكن الأستاذ يصحح أصلاً.

·         استفد من التقنية وسخرها في خدمتك معرفياً.. ففي كثير من الأحيان ستجد المراجع التي تدرسها، والتي تحتاجها في بحوثك، وستجد حلاً للكثير من تساؤلاتك، وستجد شرحاً مفصلاً للعديد من المقررات.. كل هذا ستجده على الشبكة العنكبوتية..

·        نظم وقتك.. وحاول تنظيم المكان الذي تدرس فيه.. استخدم بعض الطرائق الذكية التي يقدمها المختصون في هذه المجالات فيما يتعلق بـ ( تنظيم المهام ) ، و ( تنظيم المكتب ) .. ونحو ذلك من المهارات.. فهي لمسات بسيطة لكنها تضفي الشيء الكثير على نفسيتك في طريقك نحو التميز الدراسي.

·        من وسائل التنظيم المهمة:
 عمل الملفات.. وفي الوقت الراهن تحتاج نوعين من الملفات:
* الملفات الإليكترونية، وتُعنى بكل ما يتعلق بالمادة من ملفات إليكترونية وتشمل: [ المراجع الأصلية والكتب المساعدة – شرائح العرض والحلول النموذجية التي يضعها أستاذ المادة – التقارير والواجبات الشخصية الخاصة بك – جداول الاختبارات الفصلية والنهائية – نماذج متكررة الاستخدام مثل: صفحة الغلاف للتقارير والواجبات ]. 
* الملفات الورقية، وتحوي الأوراق المتعلقة بالمادة:
 [ أوراق الدراسة الشخصية – أوراق الاختبارات والواجبات المسترجعة بعد التصحيح – أوراق مساعدة كأوراق المدرسين الخصوصيين في بعض المواد ]، ولا يلزم أن تكون على شكل ملفات، ولكن تكون في أماكن معروفة ومصنفة مسبقاً ليسهل الرجوع إليها، سواءً كان ذلك في دروج المكتب أو زوايا الغرفة أو نحو ذلك – حسب طبيعة المكان الذي تسكنه وتذاكر فيه - .
 

أما ما هي فائدة تلك الملفات؟!
فهي مفيدة لك خلال المذاكرة الأولى، بحيث لا تضيع الملفات ولا تتخلص منها لأن الحاجة لها ماسة في الأيام المقبلة، وهي مفيدة لك في حالة المراجعة والمذاكرة الثانية ( المذاكرة قبل اختبار فصلي أو نهائي ) ، وكذلك يسهل الرجوع إليها عند الحاجة في الفصول القادمة حيث أن الدراسة الجامعية كما نعلم متراكمة، وقد تدعو الحاجة لمعلومة درستها خلال فصل سابق وبالتالي فلا تجد مشقة في الوصول إليها، إضافة إلى الحاجة لها في العمل ما بعد الجامعة.

·        لا بد من التأكيد على أن سنوات الدراسة الجامعية، أنت فيها إنسان بوظيفة طالب، ويترتب عليها – بإذن الله ومشيئته – مستقبلك ، لذلك مهما كانت لديك من مواهب وأنشطة، فلا تجعلها تطغى على دراستك الجامعية وتحصيلك للدرجات، وإذا كنت منظماً وتنظم أولوياتك وفق تقنيات ترتيب الأولويات، فلن تجد مشقة في عمل كل ما تحتاجه من دراسة وأنشطة أخرى.

·        من الخطأ أن تعتقد أن كاتب هذا المقال يطبق كل ما فيه، لكن كل أسلوب مفيد فيه أزعم أني جربته وآتى ثماره، لكني لست صبوراً مثلك.. إذا وصلت لهذه النقطة فأنت صبور بلا شك، وأتوقع لك حياة جامعية سعيدة، وأفضل بكثير مما أعيشه.. ^_^
قد يتم إتباع هذه المقالة بأخرى تناقش تقنيات التعلم، والتخطيط..

تعليقات

تدوينات مميزة

الحياة الجامعية (3) : استذكر بمهارة.. وطوع التقنية لصالحك!

كانت جميلة!