لن أدعو لك!




تصل بين الفينة والأخرى رسائل.. ( اذكروني إذا مت ).. (ادعوا لي إذا فارقتكم)... إلخ

ولا اعتراض على تلك الرسائل، فهي حسنة المعنى والمغزى، ولكنها أيقظت في ذهني خطراتٍ وهمسات../


* ينبغي أن يلتفت الإنسان إلى حقيقة الحياة.. وإلى حقيقة الآخرة.. وإلى حقيقة المحبة!..

  •  وأعني بذلك:
لا ترهن مستقبلك بالآخرين، لا في مستقبلك وأعمالك الدنيوية، ولا الأخروية؛ بل توكل على الله عز وجل، واعمل بنفسك.. لنفسك.

  • إننا في الآخرة محاسبون على أعمالنا على انفراد، ولذلك فإننا نسعى لأن نعمل على إنقاذ أنفسنا على انفراد أيضاً.
ولنا في الحديث ما يكفي للإيضاح، إذ يكون النداء يوم القيامة: 
(( نفسي.. نفسي ))، إلا محمداً صلى الله عليه وسلم الذي يخر لربه ساجداً ثم يكون أول شيء يقوله حين يرفع من سجوده بعد إذن الله له: (( أمتي يا رب.. أمتي يارب )) .. فصلى الله على نبيه إلى يوم الدين.
وأعني بذلك أن يسعى الإنسان لأن يقدم لنفسه في الحياة ما يحتاج إليه بعد موته.. ما يحتاج أن يصحبه في قبره، ما دام قادراً على ذلك.
جميل أن تحيا بذكر الموت، لتتطلع إلى المزيد من العمل الذي يجعلك تحيا حياة ثانية سعيدة، فهي الحياة الحقيقية الباقية.. 
لكن ليكن ذكر الموت دافعاً للعمل.

  •  أما ما أعنيه بحقيقة المحبة:
فأعني أننا جميعاً مهما بلغنا من المحبة للآخرين، فلن نقدمهم على أنفسنا في المواطن المصيرية، وإذا قدمناهم في الدنيا، فلن نقدمهم في الآخرة:
 { يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه} .. 
سنفر من الجميع، وسيفر منا الجميع، وكذلك في الحياة – غالباً - لا أحد يحبنا أكثر منا، اللهم إلا إن كانت أمهاتنا ! ..
لذلك لنقدم لأنفسنا أقصى ما يمكن تقديمه، محبة لأنفسنا وابتعاداً بها عن مواطن الهلاك..!
أما إن كنت تريد من يدعو لك، فلا تعمل ليدعى لك، بل اعمل لله عز وجل، والله عز وجل سيرحمك برحمته وربما قيض لك من الناس من يذكرك ويدعو لك، أو زادك بذلك العمل أجراً دون أن يدعى لك، فإن الصدقة الجارية مؤداها واحدٌ هي والدعاء: " إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ : إلا من صدقةٍ جاريةٍ . أو علمٍ ينتفعُ به . أو ولدٍ صالحٍ يدعو له " ، وسينالك أجرها بإذن الله حتى وإن لم يذكرك البشر.
وإن كنت تريد من يشفع لك، فاتبع محمداً صلى الله عليه وسلم، وأكثر من الصلاة عليه وسلِ الله له الوسيلة والفضيلة، وأي شيء خير لك من شفاعة سيد الخلق؟!
وإن كنت تريد شفيعاً لك من عملكَ فليكن قيام الليل بالقرآن والصيام، فقد جاء الخبر بأن القرآن والصيام يشفعان:
" الصِّيامُ و القرآنُ يَشْفَعَانِ للعبدِ يومَ القيامةِ ، يقولُ : الصِّيامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ و الشهوةَ ، فشفعْني فيهِ ، و يقولُ القرآنُ : مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِالليلِ ، فَشَفِّعْنِي فيهِ ، قال : فيشفعانِ " [ صححه الألباني في صحيح الترغيب ]
وإن كنت تريد شفيعاً من صحبك، فاتخذ صحبة صالحة، فإنهم إن لم يدعوا لك في الدنيا، سيشفعون لك في الآخرة..
تأمل هذا المشهد، في نفرٍ دخلوا الجنة ولهم صحبٌ في النار..
ينادون: "ربنا! .. إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا، ويعملون معنا.. فيقول الله عز وجل: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينارٍ من إيمان فأخرجوه، ويحرم الله صورهم على النار فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه، وإلى أنصاف ساقيه، فيُخرجون من عرفوا ثم يعودون..." إلخ [ والحديث متفق عليه ]

ولكن.. عليك أن تتخد تلك الصحبة اليوم.. تعدهم لذلك اليوم!

اللهم ارحمنا برحمتك يا خير الراحمين، اللهم لا تكلنا إلى أحدٍ من خلقك طرفة عين ولا أقل ولا أكثر من ذلك، ولا تكلنا إلى أعمالنا..
اللهم اجعل القرآن العظيم شفيعاً لنا، وحجة لنا لا علينا..

تعليقات

تدوينات مميزة

الحياة الجامعية (3) : استذكر بمهارة.. وطوع التقنية لصالحك!

كانت جميلة!

الحياة الجامعية.. همسات على الطريق