كانت أحلامًا!

ها أنتِ ذا حلمٌ يختلي بي في منامي ويقظتي، ينزع بي إلى الأرق تارة، ويقبِل بي إلى الاستغراق في النوم مرة أخرى لأعيش فيه تفاصيله.. ويميل بي مراتٍ في يقظتي إلى شرود الذهن، وتغييبي عمن حولي، تأملًا وتفكيرًا وتقديرًا..

أفكّر في الأمس الذي قضيناه معًا، وفي أمسٍ لم نقضه معًا..


أفكر في هواء اقتسمنا تنفسه.. وآخر انتزعتِه وحدك.. وثالثٌ كان لي.. تركتُ بعضه لكِ على أمل أن تقاسميني إياه!

وأفكّر في كلمةٍ رمت بك إلى صدري.. وأخرى نأت بكِ عني.. بعيدًا.. بعيدًا..

أفكّر في الكلماتِ التي سالت يومًا كالسيل إليكِ وعنكِ وفيكِ.. كانت تنتظم في عقدٍ بديعٍ أعجز حتى عن مجاراته، وأعجبُ أني قلته!..

وأفكر في كلماتٍ خانتني، فلم أحسن التعبير.. وجئت بكلمةٍ في غير محلّها.. قلت ما لا ينبغي.. وقد كانت أمس - نفس الكلمة رائعة، لكنها اليوم ليست ذلك، لأن مزاجك اليوم يرفضها!

وأفكر في الكلماتِ المحتبسة..

 أوه، لم تكن كلماتٍ بل تعابير أبت أن تصفها المفردات.. كلما مرت عليها مفردة قالت: لا تنطبق علي.. لا تناسبني.. لن أصِفَها!..

وظللتُ كالأبكم أنظر.. ويتحشرج نفسي..

كان الصمت هو المتكلم الأوحد.. وصوت الحشرجة يردد صداه.. 

وصمتكِ يردّ عليه.. وعليّ.. ما أقوى صمتك!


لقد أبعدت بي الأحلام كثيرًا في نومي.. خيّلتكِ إليّ محتلّة قلبي كله، منشغلة بتجميع شتاته، وجبر كسوره، وإزالة كل الغشاواتِ عنه.

وأبعدت أكثر حين أرتني نفسي فاقدًا للذاكرة، ناسيًا إياكِ.. لا أعرفكُ من رائحة ثيابك إذ حشيت بها وسادة المشفى!

أما أحلام السّحَر، فقد كانت تمتد فيها يداك من بعيد.. بعيدٍ جدًّا.. لتربّت على كتفي المتعب..


كانت أحلامًا!

تعليقات

تدوينات مميزة

الحياة الجامعية (3) : استذكر بمهارة.. وطوع التقنية لصالحك!

كانت جميلة!

الحياة الجامعية.. همسات على الطريق